الخميس , مارس 28 2024
أخبار عاجلة

في ظل المعطيات الجديدة لحياة هذا العصر، تبلورت ظاهرة عيادة المرضى

في ظل المعطيات الجديدة لحياة هذا العصر، تبلورت ظاهرة عيادة المرضى

يحتاج الفرد منا إلى مشاركة الآخرين له في همومه وفي أفراحه وأتراحه، كما يحتاج بالدرجة الأولى إلى المواساة والإسناد العاطفي والإشعار بعناية الآخرين ورعايتهم له في أوقات المرض والشدة والظروف الأخرى.
وقد دعا الإسلام إلى المواساة والرحمة، وتفقد الغائب، وحث على التزاور، وأكد على زيارة المريض وصلة الرحم والجار ليدخل أفراد المجتمع في سلسلة من التفاعل العاطفي والوجداني الذي تفيض منه روح المواساة والتواصل، ويزرع مشاعر الحب والاحترام بين الناس ويساهم في بناء السلوك القويم. ومن شأنه أيضا أن يعالج حالات الزيغ والانحراف.
وفي قريتنا الغالية (كرزكان) هناك مجموعة من الأهالي الشيوخ، الرجال، الشباب والأولاد أخذت على عاتقها زرع بذرة الخير وتبني مثل هذا الدور وبلورته كواقع وحقيقة، فكانت ظاهرة (عيادة المرضى).

توزيع العدد الكبير من أهل الخير إلى أربع مجموعات

عيسى الرؤوف (أبو أيمن) أحد المنظمين والمهتمين بهذا البرنامج يجيب على تساؤلنا ..
هذا البرنامج هو امتداد وتواصل لبرنامج التكافل الاجتماعي، فكان النجاح الأول وتلاه هذا النجاح الثاني الذي بدأ بعد شهر رمضان الماضي ونحن سعداء جدا ونشعر بالارتياح لسيره بخطا ثابتة وطيبة ونأمل له الاستمرار والتجديد.
لا أخفي عليكم بأنه قد سبق وأن حصل لنا بعض الإحراج في بداية البرنامج بسبب الاستغراب من الزيارة وعدد الزائرين مما كان يؤدى إلى عدم التجاوب من حالات نادرة جدا لم تكن قد استوعبت الفكرة وأهدافها. ومثل هذا العمل بحاجة إلى عزيمة وصبر ونفس طويل، كما هو بحاجة إلى التجديد ومن أهم ما حصل من تجديد هو توزيع العدد الكبير من أهل الخير إلى أربع مجموعات. ويأمل أبو أيمن من المجتمع الكرزكاني ومؤسسات القرية الدعم معنويا لهذه الظاهرة.

تبلورت الفكرة على أرض الواقع بعد عدة اجتماعات ومناقشات مع فضيلة الشيخ خليل

الأستاذ (يونس ضيف) أحد المؤسسين والمسئولين أدلى لنا بدلوه حين سألناه عن أصل الفكرة وأهدافها ..
الفكرة هي لعدة أشخاص وقد تبلورت على أرض الواقع بعد عدة اجتماعات ومناقشات مع فضيلة الشيخ خليل. كانت البداية بشكل مبسط جدا وبدون إعلانات لمدة شهر ولكن بعد التجاوب الكبير والسريع من المجتمع تطورت الفكرة وصرنا نعلن عنها للجميع وأخذت هذا الحيز الكبير والمتطور. وقد حدّدنا ليلة الخميس من كل أسبوع لهذا الغرض مع الإعداد لها مسبقا بيومين مع من ننوي زيارتهم وتكون عادة بعد صلاة المغرب والعشاء مباشرة وفي اعتقادي بأن الوقت مناسب جدا. أما بالنسبة للأهداف فأهمها تواصل المجتمع مع بعضه البعض، تعزيز الروابط بين أهل القرية الواحدة والتعرف على أحوال المرضى والاطمئنان على صحتهم.

والتقينا بالمرضى …فتحنا قلوبهم البيضاء … سألناهم عن انطباعاتهم:
هذي نعمة من عند الله الديرة لازالت بخير

حاجي عبدالله (عابد):
(زوروا أرحامكم ولو بالسلام)، هذي نعمة من عند الله وأنا مرتاح جدا من هذه الزيارة. كما أضاف ابنه (عبدالنبي) شاكرا للجميع هذه الزيارة ومتمنيا التوفيق والاستمرارية.

منصور عباس الملاح:
يعاني من شد في الظهر حصل له بشكل مفاجأ. حالته مستقرة الآن، كما يشعر بتحسن مستمر. ويقول عن الزيارة بأنها ظاهرة جيدة تشعره بأن الديرة لازالت بخير وهذه الزيارة عزيزة عليه ويعجز عن الوصف والتعبير عما بداخله من مشاعر للحب والرضا. ويقول أيضا بأن ما يحصل هو دليل على الترابط بين أفراد القرية رغم كل التشتتات ويأمل لها الاستمرارية والتقدم إلى الأحسن.

لقد أشدنا بهذه الظاهرة

ملا يوسف:
عينه مصابة بماء أبيض ولا يزال علاجه في البداية وبعد إكمال العلاج وعندما يستقر النظر ستتحدد النتيجة وهو يشعر الآن بتحسن تدريجي ونسأل الله أن يكون هناك تحسنا كبيرا بعد إكمال العلاج. ويعبّر لنا عن ارتياحه ويقول: لقد أشدنا بهذه الظاهرة من قبل وهي من المستحبات المؤكدة. نشكركم على هذه المبادرة وهذا دليل على وعي المجتمع ودليل على وجود الروح الطيبة والنفس التي تشتاق إلى زيارتي والآخرين. ومن شأن مثل هذه الزيارات أن تنمّي فينا روح المحبة وتزرع التآلف بيننا.

هذه الزيارة تشرح الصدر

مكي عبدالله خلف:
مصاب بنقص في نسبة الدم وفجأة وجده اقل من المعدل المفروض (14) بكثير، حيث نزل إلى 5 درجات فقط. وهذه درجة خطيرة جدا ولكن بعد العلاج وعودته حصل ارتفاع في النسبة إلى 8 درجات ويشعر الآن بتحسن ولله الحمد مع مواظبته على أخذ العلاج لمدة شهر حسب وصفة الطبيب. ويقول عن الزيارة .. أنا جد مستأنس وهذه الزيارة تشرح الصدر من خلال رؤية كبار السن والشباب والأولاد وهم يتوافدون لزيارتي ويدعون لي من الله العلي القدير بالصحة والشفاء العاجل. ويضيف، رؤية هذه الوجوه النيرة ترفع المعنويات حقيقة وتوطّد العلاقات الاجتماعية.

حياهم الله وجزاهم ألف خير

الحاج علي أبو شاكر:
أجرى عملية في الركبة (الرجل اليسرى). بعد العملية وبعد أيام من رجوعه إلى البيت بدأ يشعر بتحسن كبير وحركة أفضل لساقه ولا زال يستخدم العكاز للمشي وبحاجة إلى بعض الوقت كما قال له الدكتور ليتمكن من المشي عليها بشكل طبيعي. وعن الزيارة له من قبل هذه المجاميع كان يثني بشكل دائم ومستمر ويذكر بين الحين والآخر (حياهم الله وجزاهم ألف خير) وهذا عمل طيب يشكرون عليه وبدون شك فقد أدخل في نفسي البهجة والسرور وأنا سعيد برؤية هؤلاء الشباب والأولاد الأعزاء، حفظهم الله ورعاهم.

إهداء باقة ورد للمرضى هي فكرة مطروحة للتبني، فهل تجد من أهل الخير والمؤسسات التجارية والخيرية من يتبناها؟؟؟؟

وللشّرع رأيه في هذه الظاهرة، فقد تفضل فضيلة الشيخ عيسى عيد مشكورا بالإجابة:
هذه الظاهرة تؤدي إلى التماسك والتلاحم بين أفراد القرية وتشد القلوب بعضها إلى بعض

قبل أن أبدأ الحديث أحب أن أذكر الأخوة الذين حضروا بعض الأبحاث بأني قد تطرقت إلى هذه الظاهرة واصفا إياها بالظاهرة الايجابية والطيبة التي يجب التأكيد عليها. وهذه الظاهرة تؤدي إلى التماسك والتلاحم بين أفراد القرية وتشد القلوب بعضها إلى بعض. وأنا مسرور هذه الليلة أن التقي بأهالي القرية وأحاورهم، متمنيا المزيد من التجاوب، كما أنا فخور بهذه المبادرة وأتمنى أن تتكرر. ففي مثل هذه الزيارات فوائد جمّة وأهمها:
1- هناك تقارب للأجسام ومنها يحصل تقارب وتوحيد للمواقف التي تؤدي بدورها للنصر والعزة للأمة، هذا من الناحية الاجتماعية ورفع ما في القلوب من سوء تفاهم أو ما شابه ذلك.
2 – أما من الناحية الإيمانية فلزيارة المرضى آثار جمّة ففي رواية (إذا زار المسلم أخاه في الله عزّ وجلّ ـ أو عاده ـ قال الله عز ّوجلّ: طبت وتبوّأت من الجنّة منزلاً). أو (من زار مريضا كما أنه عاد الله في عرشه) فهناك علاقة بين المريض وخالقه إذ يقول الله للعبد (أنا مرضت يا عبدي ولم تزرني، ويقول العبد كيف أزورك وأنت لا تمرض) ومن هذه الرواية نتلمّس أهمية التأكيد على عيادة المريض التي تقربنا إلى الله عز وجل. وفي رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله في هذا الاتّجاه:(عودوا مرضاكم وسلوهم الدعاء).
3- تذكّرنا زيارة المريض بنعم الله وفي الزيارة للمريض نثمن الصحة وعليه نشكر الله على نعمة الصحة والعافية.
4 – عندما تزور مجموعة من الناس المريض فإنهم يرفعون عنه ثلاثة أرباع المرض، لأنه يشعر بالأنس والارتياح والمحبة فتنسيه أوجاع المرض وآلامه.
5- تقريب أواصر المجتمع.

وللزيارة آداب حرص فضيلة الشيخ على التأكيد عليها ومنها:-
1- مراعاة المريض وعدم إطالة الجلوس عنده، خصوصا إذا كان يحتاج إلى الراحة، مع احترام الجانب النفسي عنده حرصا على راحته الجسمية والنفسية. فإنّ بعض الزوّار يؤذي المريض بطول الزيارة والجلوس وكثرة الكلام عنده.
2- مراعاة صحته وعلينا أن لا نحاول أن نشعره بألمه، بل يجب علينا أن نبشّره بالصحة والعافية ونسمعه الكلمات الطيّبة، والدعاء له بالشفاء، وحثّه على الصبر، ممّا يشيع في نفسه عواطف المحبّة والإحساس باهتمام الآخرين به، فترتفع معنويّاته لمقاومة المرض وإيجاد الأمل والرجاء أو تقويتهما في نفسه.
3- تجنب ذكر الحالات السيئة أمام المريض.
4- عدم تجاذب الأحاديث الغير مناسبة عند المريض.

 وهكذا تتكامل قواعد وأصول الأدب الاجتماعي في زيارة المريض متفاعلة مع أبعاد الحالة النفسية والعقيدية ومعطية أفضل النتائج الاجتماعية بما تزرعه من حبّ وتعارف وإشعار بروح الأخوّة والمواساة. ومع تمنياتنا الخالصة لكل المرضى بالشفاء والصحة وأن يلبسهم الله العلّي القدير أثواب العافية، نتمنى لهذه الظاهرة أيضا العافية والقوة والمزيد من الازدهار والتطور والانطلاق بحرية تامة وتألق ملفت في رحاب الله ورجاء ثوابه ورضوانه.

عن حسين خلف

شاهد أيضا

فرحة اللاعبين والجمهور بتحقيق الثنائية هذا الموسم …

  فرحة اللاعبين والجمهور بتحقيق الثنائية هذا الموسم #كرزكان #كرزكانكم #أخبار_كرزكانكم #منوعات_كرزكانكم #قريتنا #أخبار_القرية #قريتنا_الحبيبة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *