السبت , أبريل 27 2024
أخبار عاجلة

على ذمّة ”الوسط”: أهالي كرزكان يتمسكون بحق… ”اللجوء الإعلامي” إلى الجدران!

نشرت صحيفة “الوسط” في صفحتها الثانية من عدد اليوم الثلاثاء الموافق للأول من أكتوبر 2002، تحقيقاً صحفياً حول الكتابة على الجدران، وقد خصت التغطية قرية كرزكان، ونشرتها تحت عنوان( بين “بوب” و”الحب”… وأمور سياسية كثيرة… أهالي كرزكان يتمسكون بحق… “اللجوء الإعلامي” إلى الجدران!؟ )
فيما شهد التحقيق الصحفي العديد من المقابلات مع أبناء القرية والعديد من الصور للكتابات على الجدران.
وقال بعض من الذين تمّ إجراء اللقاءات معهم لمجلتنا (أخبار القرية) أنّ إعداد هذا التقرير من قبل الصحفي فيصل هيات كان قبل صدور “الوسط” بفترة.

لمتابعة كامل التقرير… تابع التفاصيل.. فيما يلي: بين “بوب” و”الحب”… وأمور سياسية كثيرة…
أهالي كرزكان يتمسكون بحق… “اللجوء الإعلامي” إلى الجدران!؟

كرزكان – فيصل هيات

عندما يتعلق الأمر بالناس هذه الأيام، فليس أصدق من “الجدران” لمعرفة الحالة المزاجية لهم سواء بالهبوط أو الصعود، على الأقل هذا ما أفرزته السنوات الماضية، عندما كان الجدار يساوي صحيفة!
ومنذ حقبة الستينات، ومع توسع دائرة المد القومي العربي في الأقطار العربية كافة والولع الكبير بشخصية الزعيم جمال عبدالناصر، أصبح الناس يلجأون إلى الجدران بحثا عن “التنفيس” وكسر الأسوار المحيطة بأفكارهم، غير عابئين بالحواجز المكانية المفروضة.
وكما البشر، فللجدران قيمتها الخاصة، فالجدار المستوي الأبيض، يختلف عن الجدار الإسمنتي الذي لم يحسن البناؤون مسحه، وجدار البيت أو البستان المطل على الشارع، يغري “المتحمسين” أضعاف ما يغريهم جدار متوارٍ في زقاق مظلم، إذ الأول يدل على الشجاعة والجرأة، بعكس ذاك الثاني.

أسهم “الجدران” ارتفعت كثيرا بعد تفجر الثورة الإسلامية في إيران في العام ،1979 وغدا قناة جماهيرية، قياسا إلى الأجهزة الإعلامية المرئية والمسموعة ذات الصوت الواحد، والنَّفَس الواحد، لتأسيس الشعب الواحد الذي يفكر التفكير الواحد ذاته، وقياساً – أيضاً – بصحف يومية تتناغم مع الجهاز الرسمي، وتقتدي به حذو القذة بالقذة.

ومنها ألِفَ الناس صور الإمام آية الله الخميني على جدران بيوتهم دون أن يتمكن أحدهم من معرفة من؟ ومتى؟ ولماذا؟ زرعت تلك الصور على منازلهم، لكن الأكيد أن تلك الصورة أعطت مؤشرا قويا على المد الثوري المتأجج آنذاك والذي طال عددا من الدول… كانت البحرين إحداها طبعا.

ولم يخفت “بريق” الجدار بعد ذلك أبدا، لأن العلاقة القومية أو الدينية أو حتى الجغرافية للبحرين ببقية الدول العربية والإسلامية كانت كفيلة بمنحه دورا إعلاميا أبرز، لأن الناس لم يعتادوا فيه (الجدار) سوى “الصدق” و”الأمانة” و”الموضوعية” وهي أمور عز أن تتوافر في الأجهزة الإعلامية المتاحة، صحافة كانت أو تلفزيون، أو هذا ما يعتقده الكثيرون. وليس شرطاً أن كل ما يُكتب على الجدران صحيح وصادق، ولكنه صادق- على الأقل – في فتح كوّة على ما يعتمل في نفوس أهل ذاك الحي أو المنطقة تجاه أي حدث كان.

الموضوعات السياسية لم تكن دائما في صدارة اهتمامات المعنيين بالكتابة على الجدران، فقد كان المغني الجامايكي (بوب مارلي) موجودا بقوة عندما اجتاحت أغنياته العالم… وأخذت الرياضة نصيبها أيضا كلما اشتد التعصب الرياضي، فيما لم يجد بعض العشاق سوى الجدران لنقل معاناته وآهاته… وكل يغني على “ليلاه”؟!

وفي مطلع التسعينات من القرن الماضي، كان “للجدران”

شأن آخر خلال الحوادث “أو ما اعتاد الناس على تسميتها بالأحداث” الدامية التي تحركت فيها الجماهير مطالبة بدور أبرز للمواطنين في إدارة شئون البلاد وفتح الطريق أمام شبابها “العاطل عن العمل” للانخراط في مختلف الأجهزة الحكومية وتوفير العيش الكريم لهم، والمطالبة بالبرلمان – باعتبار أنه “الحل” – كما المطالبة الديمقراطية وحرية التعبير، وتوغلت أكثر في الشأن المحلي “منتقدة” تارة و”مطالبة” في أكثر الأحيان.

وكان تسلم صاحب العظمة ملك البلاد المفدى الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم في العام ،1999 سببا في تغير لغة “المانشيتات الجدارية” حيث تحول دور الجدار من “تعبئة” الجماهير الغاضبة، إلى”تهدئتها” و”حثها” على “دعم” المشروع الإصلاحي، و”نبذ” الطائفية و”المشاركة” في بناء وطن جديد يتسع للجميع.

ومع تنفس الناس شيئا من عبق الحرية وشعورهم بذاتهم أكثر، اتسعت خريطة “الجدار” وغدا الحدث الفلسطيني جزءا هاما من “مادته الإعلامية”، خصوصا عندما سُمح للناس بحق الاعتصام والتظاهر لصالح الأشقاء في فلسطين وهو ما أدى إلى سقوط الشهيد “محمد جمعة” والذي منحته “الجدران” مساحة كبيرة في صدورها.

أصبحت الجدران اليوم “تتعقب” كل القرارات الحكومية المرتبطة بالشأن العام سواء بالتحليل أوالاستنتاج، وهو ما كان ظاهرا للعيان وبشكل كبير في قرية “كرزكان” الرابضة في المنطقة الغربية للبلاد، حيث فرض موضوع “ازدواجية الجنسية” نفسه بقوة على عدد كبير من جدران، بيوتها في انتظار لردة فعل حكومية تستشف المعنى الذي حملته كل تلك الشعارات. وعلى رغم أنه من قرية السنابس، فإن سيد كامل سيد مهدي يذهب ليبيع الخضراوات والفواكه في قرية كرزكان، ولكنه إلى جانب مهنته يعمد إلى تفسير اتجاه الناس إلى الكتابة على الجدران بقوله: “إنها وسيلة للتعبير عن الشعور، لا توجد وسائل إعلام تنقل أفكار الناس، والموضوعات التي تهمهم”.
ويشير كامل إلى أن القرية كانت خلال الفترة الماضية مزارا لبعض الجنود الأميركيين ممن كانوا يأتون لتصوير ما تحمله الجدران من عبارات وكتابات.

ويقول ابراهيم علي حسن خاتم من جهته: “يمكن للكتابة على الجدران أن تتوقف نهائيا، لكن شريطة أن يشعر الناس أن هناك من يسمعهم”.
إبراهيم حسن الماجد يرى أن هذا الموضوع كحقل الألغام تماما حيث لا يضمن المرء موضعاً آمناً لقدمه، ويوضح: “لو ضبطت أحدهم يقوم بالكتابة على بيتي سأغضب قليلا، لكن ما عساني فاعل به؟ سوف أتركه دون شك رغم اتفاقي الكامل مع ما كان يكتبه، في النهاية أنه بيتي وهذه الكتابات سوف تشوهه كثيرا”. ويرد الماجد أيضا على من يرى أن خلف تلك الكتابات بعض الجهلة أو “الجُهّال” كما يقول، موضحا أن معظم تلك الشعارات تحمل في متنها رسائل لا يمكن للجهلة أبداً استيعابها.
الفكرة ذاتها تنتقل على لسان كل من جاسم محمد مكي وجعفر محمد حسن واللذين لاما الإعلام والصحافة خصوصا للغياب المتواصل عن متابعة الأحداث المحلية وتحليلها بشكل “موضوعي”. يقول جعفر: “لماذا وجدت هذه الظاهرة؟ الإجابة بسيطة… لأن الإعلام غائب أو مُغيّب، هنا في كرزكان أو في غيرها من مناطق البلاد، الجميع بحاجة إلى مكاشفة ومصارحة وشفافية حقيقية، نحن نعيش في ظل وضع يفرض علينا أن نستمع إلى الآراء ولكن من جهة واحدة فقط”.

هذا الرأي لا يجد معارضة من قبل علي الشيخ وعلي يعقوب لأنهما يعتقدان أن الصحافة “تكمم الآراء الحرة” وتحجر على من ينطق بـ “صوت الحق” كما يقولان. ويكمل الشيخ: “ربما إذا تحسنت الأوضاع سوف تنتهي هذه الظاهرة، وجودها في الوقت الحاضر مسألة إيجابية وليست سلبية”.
ويقول علي يعقوب وهو يشير بيده إلى أحد المنازل: “أنظر إلى هذا المنزل لم يكتمل بناؤه حتى الآن، لكن جدرانه الخارجية أصبحت بيضاء بالكامل” في إشارة منه إلى لعبة القط والفأر بين “صحافيي الجدران” وجهاز الأمن… فلا الأولون يملون الكتابة، ولا الآخرون يتعبون من تبييضها.
قانونياً، ووفقاً للمحامي عبدالله هاشم الذي قال يوما إن “شعباً ينقل همومه على الجدران هو في الواقع شعب بائس”، فإن الكتابة على الجدران يمكن أن تصنف في خانة الإتلاف المتعمد للممتلكات الخاصة، على رغم أنه يرى أن الوجهة السياسية يمكن أن تغير من التعامل القانوني مع المتلبسين بهذا الفعل. ويقول: “سياسياً، ليس المهم فعل الكتابة على الجدران، وإنما موضوع ما يكتب وإلى من يوجه، وفي جميع الأحوال يجب ألا يرتقي الحكم القضائي على مستوى الغرامة، لا يوجد نص قانوني صريح لمعاقبة من يضبطون بهذا الفعل”.

وفيما يختلط أحياناً الغث بالسمين فيما تحمله تلك الشعارات من معنى… فإن السؤال الأهم هنا: هل ستتوقف الكتابة على الجدران يوماً في بلادنا؟ وربما الرد عليه بسؤال آخر: هل توقفت في بلاد أخرى “عريقة في الحرية والديمقراطية” لتتوقف عندنا؟!

لتصفح الخبر كاملاً في صفحة pdf اضغط هنا

عن حسين خلف

شاهد أيضا

الشيخ شاكر الفردان ومحاضرة بمجلس الشيخ الجمري

في محاضرته في مجلس الجمري… شاكر الفردان: على البرلمان أن يقتنع بأن قانون الطوارئ ليس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *