الكثير يتساءلون عن ما جرى في يوم المباهلة وما هو هذا اليوم ..
♦️آية المباهلة
قال الله تعالى: (فَمَنْ حَآجّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثمّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لّعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)(
♦️يوم المباهلة
23 ذو الحجّة 9ﻫ.
♦️معنى المباهلة
قال ابن منظور: «ومعنى المباهلة أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء فيقولوا: لعنة الله على الظالم منّا»(
♦️صفة المباهلة
وصفة المباهلة: أن تشبك أصابعك في أصابع مَن تباهله وتقول: «اللّهمّ ربّ السماوات السبع، والأرضين السبع، وربّ العرش العظيم، إن كان فلان جحد الحقّ وكفر به فأنزل عليه حسباناً من السماء وعذاباً أليماً»(
♦️دعوة النبيّ(صلى الله عليه وآله) لأساقفة نجران
كتب رسول الله(صلى الله عليه وآله) كتاباً إلى أساقفة نجران يدعوهم إلى الإسلام، جاء فيه: «أمّا بعد، فإنّي أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد، أدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد، فإن أبيتُم فقد أذنتم بحربٍ، والسلام».
فلمّا قرأ الأسقف الكتاب ذُعِر ذُعراً شديداً، فبعث إلى رجلٍ من أهل نجران يُقال له: شَرحبيل بن وداعة ـ كان ذا لب ورأي بنجران ـ فدفع إليه كتاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقرأه، فقال له الأسقف: ما رأيك؟
فقال شرحبيل: قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرّية إسماعيل من النبوّة، فما يُؤمِنُك أن يكون هذا الرجل، وليس لي في النبوّة رأي، لو كان أمر من أُمور الدنيا أشرت عليك فيه وجهدت لك(
فبعث الأسقف إلى واحدٍ بعد واحد من أهل نجران فكلّمهم، فأجابوا مثلما أجاب شرحبيل، فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا شرحبيل وعبد الله ابنه وحبّار بن قنص، فيأتوهم بخبر رسول الله(صلى الله عليه وآله).
فانطلق الوفد حتّى أتوا رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فسألهم وسألوه، فلم تزل به وبهم المسألة حتّى قالوا: ما تقول في عيسى بن مريم؟ فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «إنّهُ عَبدُ الله».
فنزلت آية المباهلة الكريمة حاملة إجابة وافية قاطعة لأعذار مُؤلّهي المسيح ومُتبنّيه، وهي بنفس الوقت دعوة صارخة لمباهلة الكاذبين المصرّين على كذبهم فيما يخصّ عيسى(عليه السلام).
فدعاهم(صلى الله عليه وآله) إلى اجتماعٍ حاشد، من أعزّ الملاصقين من الجانبين؛ ليبتهل الجميع إلى الله تعالى في دعاء قاطعٍ أن ينزل لعنته على الكاذبين.
المصدر
♦️الخروج للمباهلة
خرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقد احتضن الحسين، وأخذ بيد الحسن، وفاطمة(عليها السلام) تمشي خلفه، والإمام عليّ(عليه السلام) خلفها، وهو(صلى الله عليه وآله) يقول: «إذا دَعوتُ فأمِّنوا».
.
♦️موقف النصارى
قال أسقف نجران: يا معشر النصارى! إنّي لأرى وجوهاً لو شاء الله أن يزيل جبلاً عن مكانه لأزاله بها، فلا تُباهلوا فتُهلكوا ولم يبق على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة، فقالوا: يا أبا القاسم، رأينا أن لا نُباهلك، وأن نقرّك على دينك ونثبت على ديننا.
.
قال(صلى الله عليه وآله): «فإذا أبيتُم المباهلة فأسلِموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم»، فأبوا، فقال(صلى الله عليه وآله): «فإنِّي أناجزكم»، فقالوا: ما لنا بحرب العرب طاقة، ولكن نصالحك، فصالحنا على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردّنا عن ديننا، على أن نُؤدّي إليك في كلّ عام ألفي حلّة، ألف في صفر وألف في رجب، وثلاثين درعاً عادية من حديد.
.
فصالحهم على ذلك وقال: «والذي نفسي بيده، إنّ الهلاك قد تَدَلّى على أهل نجران، ولو لاعنوا لَمُسِخوا قِردة وخنازير، ولاضطرم عليهم الوادي ناراً، ولاستأصل الله نجران وأهله حتّى الطير على رؤوس الشجر، ولما حال الحول على النصارى كلُّهم حتّى يهلكوا»
♦️دلالة آية المباهلة على عصمة وأفضلية عليّ(عليه السلام)
استدلّ علماؤنا بكلمة: «وأنفسنا»، تبعاً لأئمّتنا(عليهم السلام) على عصمة وأفضلية أمير المؤمنين(عليه السلام)، ولعلّ أوّل مَن استدلّ بهذه الآية المباركة هو نفس أمير المؤمنين(عليه السلام)، عندما احتجّ في الشورى على الحاضرين بجملة من فضائله ومناقبه، فكان من ذلك احتجاجه بآية المباهلة، وكلّهم أقرّوا بما قال وصدّقوه فيما قال.
.
وسأل المأمون العبّاسي الإمام الرضا(عليه السلام): هل لك من دليل من القرآن الكريم على أفضلية عليّ؟ فذكر له الإمام(عليه السلام) آية المباهلة، واستدلّ بكلمة: «وأنفسنا»؛ لأنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) عندما أُمر أن يُخرج معه نساءه، فأخرج فاطمة والحسن والحسين فقط، وأمر بأن يُخرج معه نفسه، ولم يخرج إلّا عليّ(عليه السلام)، فكان عليّ نفس رسول الله، إلّا أنّ كون عليّ نفس رسول الله بالمعنى الحقيقي غير ممكن، فيكون المعنى المجازي هو المراد، وهو أن يكون عليّ مساوياً لرسول الله(صلى الله عليه وآله) في جميع الخصائص والمزايا إلّا النبوّة؛ لخروجها بالإجماع.
.
ومن خصوصيات رسول الله(صلى الله عليه وآله) العصمة، ومن مفهوم آية المباهلة يُستدلّ على عصمة عليّ(عليه السلام) أيضاً.
.
ومن خصوصياته أنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فعليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم أيضاً، وأنّه أفضل جميع الخلائق وأشرفهم فكذلك عليّ(عليه السلام)، وإذا ثبت أنّه(عليه السلام) أفضل البشر، وجب أن يليه بالأمر من بعده.