الجمعة ميعاد الانتظار ، و ميقات المشتاقين و الملهوفين و المتطلعين لظهور شمس الحر…

الجمعة ميعاد الانتظار ، و ميقات المشتاقين و الملهوفين و المتطلعين لظهور شمس الحريه المطلة على عالم الظلم و القهر ، الجمعة يوم في كل أسبوع يختلف عن بقية الأيام لا يدركه الا من كانت له ذائقة برزخيه يتذوق بها ألم الفراق و يستشعر بها وجع الوجد و يتلمس بها لهب الشوق ، الجمعة زمن مقتطع من كل الأزمان يحمل في آناته معاني الحب و الولاء ، و ينطوي في لحظاته على معاني التضحية و الفداء ، الجمعة يوم يخفق فيه كل شيء بولي الله الأعظم ، و يتنفس فيه كل شيء بأنفاسه ، يوم من أجمل الايام لما لجمال يوسف الزهراء من أثر فيه ، فكلما جاءت الجمعه أقترنت بطلعته الرشيده و غرته الحميده ، و كأنه يطل علينا من عليائه ، ماذا لو اقترنت الجمعه بمكان ظهوره ؟! أو اقترنت بأيام قتل جده الامام الحسين ؟! أو اقترنت بأول أيام حركة ركب السبايا و على رأسهم زين العابدين و فخر المخدرات ؟! أما البيت فهو مبدأ الحركة المهدويه ، حيث حين يظهر نوره الشريف يستند الى الحجر الاسعد ليلقي أول نداء للناس فيجتمع حوله الخلص من أصحابه فتشرأب له الاعناق من كل الدنيا ، جميلُ ، و أنت بجوار بيت الله و عينك شابحة على الكعبه متسمرة في ركن الحجر الأسود متأملة انفجار النور ( و أشرقت الارض بنور ربها ) ، لحظات لا تقدر بثمن يوم جمعة في أحضان الكعبه و انت تصرخ من داخلك ( متى ترانا و نراك ) ، و أما اقترانها بأيام شهادة الامام الحسين ( ع ) فيعطي الجمعة لونا أحمرا و يضمخها بعبق الدم فتثير في قلبه الأشجان و تجدد عليه الاحزان و هو القائل ( لأندبنك صباحا و مساءًا و لأبكين عليك بدل الدموع دما ) ، فتهيج به الذكريات و تشتعل في داخله نار الحزن و الأسى ، فيتحرّق في داخله منتظرا وعد الله ليأذن له بالخروج . و اما حركة الركب الحسيني و مسيرة السبايا لبنات الرساله تتقدمهم جبل الصبر و الاباء و تمثال العفة و الطهارة و الوفاء زينب و ابن اخيها زين العابدين ،تلك حكاية حزن والم منفرده – كانت تكوي قلب الامام ، و هي من أعظم ما يشجي الغيور ، و هل هناك من هو أشد غيرة من صاحب الزمان ؟!! أي قلبٍ يتحمل هذه المصائب و النو ائب ؟! ظاهر هذا الركب سبايا وباطنه الشموخ و الكبرياء ، حتى رأس الحسين و هو مشال على رأس الرمح أبى الا العلو و الرفعه و الشموخ . في مثل هذا اليوم تتجلى هذه المنعطفات الثلاث لترسم لوحة متمازجة الالوان تعبر عن عمق ارتباط الامام بربه ، و عن مجموعة الاحاسيس و المشاعر التي تعتريه لهول مصائب كربلاء ، و عن ما يتحمل من مسئولية التغيير و مشروعه الاصلاحي من مكة المكرمه ، فسلام عليه في قيامه و قعوده و ركوعه وسجوده و في كل احواله ….
جمعة مباركه …