كرزكانـ.ـكم نعتز بخدمتكم
السيد محمد باقر الصدر.. أنموذج العمق النقدي في بيئة غلّبت العاطفة وفضلّت السطحية!
بقلم: مصطفى الشيخ حسن
صاحب التفكير النقدي كثير السؤال، بطيئ التصديق، التفكير النقدي في عمقه جرأة على رفض التقليد وتوجيه السؤال العلمي والتحرر من فكرة وجود سلطة فكرية أعلى منك.. من لا يمتلك هذه الجرأة لن يتوفق في ممارسة التفكير النقدي.
ومن هنا فإن محاولات البحث العلمي لا تلاقي رواجا دونما تفعيل «روح النقد» والسؤال، وكذلك فإن قراءة الآخر في أفكاره وتوجهاته لن يلقي بثماره الا اذا ماكان مرتبطا بالفهم والتحليل والنقد العميق والموضوعي.. في الأسس قبل التفاصيل.
كل ماسبق من كلام قد ظهر في أفكار وشخصية السيد محمد باقر الصدر.. المؤسس الملهم والناقد العميق والمفكر الحر.. نجده يناقش وينقد «المدرسة» كمدرسة.. ولا يناقش فرعيات وجزئيات و «نتائج» او معطيات ناقصه.. تجده سلس في تفكيره متسلسل بمنطقية قل نظيرها ينتقل من الأصل الى الفرع، في ترابط قل ان تجد له نظير.
فأنا أستطيع أن أنقد فكره عند الفارابي.. وفكره عند افلاطون، استطيع أن انقد ممارسة في مذهب ما، أو شعيرة عند فئة ما.. لكن الصعوبة كيف أغوص في الأعماق لنقد المدارس عن المواضع.. ولتصحيح المعوج وضم السليم.
كان الصدر يناقش النظرية في الأس قبل الفرع، وما أحوجنا اليوم مع ما يكتب ضدنا من نقد، ومع ما نعيشه من واقع، أن نغوص في عمق النظريات وأن نحلل ونفكر ونقدّم للبشرية ما ينفع.
ملاحظ أنه تميل البيئة الدينية لتقديم النصائح المعلبة والمعالجات السطحية للمظاهر الاجتماعية وتركّز على جانب «العاطفة» وتعميم النتائج دون نقد منهجي للأصول.
ولو أخذنا أحد اكثر الموضوعات ارتباطا بواقعنا اليوم وهو «الإلحاد» فكم ألفنا -مثلا- من كتاب في نقد الالحاد، وفي نقض مناهجه في كتاب من ٢٠٠٠ صفحة -مثلا-، ولماذا يميل الجميع للكتابة بأسلوب سريع «مقالات – محاضرات – توجيهات – نصائح – وصفيات – نشرات أو كأكثر الحمد ككتيبات؟» ولماذا لا نرى الا معالجات سطحية للظواهر الاجتماعية على طريقة «النصائح المعلبة»؟ وحتى لو أخذنا خطوة للأمام في تقييم رؤية عن نوعية الكتب -الكتيبات- التي تؤلف في مجالات الفكر، نجد الغالب عليها اما تدعيم للمعتقد الموروث، أو نقد لمظاهر وظواهر ومعالم فرعية.. وغالبا ما تكون المؤلفات المرتبطة «بالفكر» اما سريعة العرض، أو مختصرة ومقتضبة في معالجاتها لجزئيات مختارة.. هروبا من الضعف والمواجهة واسكاتا لـ «صوت الضمير».
المصدر
