الصداقة الصداقة شيء جميل. ونعمة كبيرة. لكن تحصيل صديقٍ مخلصٍ يحبكَ ويخلصُ لكَ و…

الصداقة
الصداقة شيء جميل. ونعمة كبيرة. لكن تحصيل صديقٍ مخلصٍ يحبكَ ويخلصُ لكَ ويداري عليكَ، ويفديك بنفسه وماله وروحه، شيء نادرٌ ندرة الألماس الخالص، بل أشدّ ندرة.
فأغلب من يحيط بك تحت هذا العنوان، يأنسون معك لبعض الوقت، أو يتبادلون معك الأحاديث والثرثرات. ولكنك لا تجدهم وقت حاجتك الحقيقية، فتتقدمهم أعذارهم، التي لا تتسع لتغطية حقيقة هروبهم وتملصهم وبعدهم وغيابهم.
بل كثيراً ما تأتيك الأذية من بعضهم. قد تكون في شكل غيرة أو حسد أو غيبة ونميمة. بل وصل ببعضهم لتشويه السمعة بلحن القول.
ولكن الوقوع في هذا اللون من الصداقات، ناتج عن خطأٍ في تكوينها. أو عن خطأٍ في استمرارها.
فالإنسان الحصيف يحسن اختيار صحبته. فإن وجد فيهم ما يرجو من الخصال كالصدق، والأمانة والنزاهة والكرم والإخلاص، والتقوى، تمسك بذلك الصديق، وأنزله منزلة الأخ. وإلا ترك بينه وبينه مسافة بمقدار ما يتبادل معه المنافع، بلا ضرر ولا ضرار. وقد يقتضي الأمر البعد التام، عندما يكون ضرر بقائه في القرب شديدٌ لا يحتمل، أو يتسبب في بعدك عن الله. .
قال الشاعر:
إنّ الأمور التي تخشى عواقبها
إنّ السلامة منها ترك ما فيها

ومن أدوات كشف الأصدقاء، إصابة النعم أو زوالها.
فإن ارتفع شأنك وقدرك وجاهك وسلطانك ولم تتغير على ناسك في معاملتك وبقيت بجانبهم، يطعمون من طعامك وتشركهم في خيرك ونعمتك، رأوك وعرفوك الصديق الجدير بالصداقة. وإن تغيرت فأبطرتك النعمة وغرتك الدنيا فتكبرت عليهم. عرفوا أنك لم تكن سوى منتفع وصولي. .
وإن لا سمح الله وقعت في محنة من خسارة مال أو جاه أو مكانة اجتماعية. أو توجهت لك تهمة زور. فالكثير سيختفي من حياتك كما يختفي الملح ويذوب في الماء.
هنا ستعرف اصدقاءك الصادقين الجديرين بخيرك ومعروفك وحبك. الذين يسارعون لانتشالك ومساندتك ماديا ونفسيا، حتى تتجاوز محنتك.
وفوق هذا وذاك، فالصديق الطيب كالمسك يعطر مكانك وثيابك وسمعتك. بينما صاحب السوء كالفحم يسوءك برائحته ونتانته في نفسك ورياشك وأثاثك وسمعتك. .
ما يجب تعلمه هنا: أن نحسن الإختيار لمن نصاحب. وأن نمتلك حساً وفطنة في اكتشاف معادن الأصحاب. فنختار الصادق الأمين حسن الخلق، الحليم الكريم المضياف، العفيف، قليل التحدث عن نفسه. غضاض البصر، كفاف الأذى، الشهم، السريع في النجدة والإغاثة، الذي يؤثرك على نفسه.
ولن تجد من هذا كثير.
فإن قسم الله لك من هؤلاء صديقاً واحداً فاحمده كثيراً. وعضَّ عليه بنواجذك. ولا تفرط فيه أبدا. .
غفر الله لكم، ومساكم بالخير.
أخوكم
د.علي خميس الفردان
كوتش مدرب
مرشد أسري
@dr.alialfardan
#أقلام_كرزكانية
#كرزكان
#كرزكانكم