على هذه الارض و في هذه الصحراء في سنة ٦١ هـ و تحديدا في اليوم العاشر من محرم أزد…

على هذه الارض و في هذه الصحراء في سنة ٦١ هـ و تحديدا في اليوم العاشر من محرم أزدلفت على ابن رسول الله مايربو على الثلاثين ألف من أجل قتله و هو في قلة من اصحابه و اهل بيته ، و انتهت بتجزير الحسين و اصحابه ، و ارتوت هذه الارض العطشى من دمائهم لتنبت
شجرة الحرية و الكرامه و العزة والشرف ، و تعملقت حضارة الانسان الكريم من خلال جسومهم ، هكذا كانت كربلاء ، اقلب الصوره لتجد جماليتها ، اليوم في عام ١٤٤٠ هـ في اربعينية الحسين تغص كربلاء بزوارها حيث لايجدالفرد مفحص قطاة ليضع قدمه ، اليوم حيث القباب الشامخه و المنارات السامقه ووهج العطاء المتدفق من نحر الحسين ، و شعلة العزة و الكرامه تتوقد لا تقبل الانطفاء ، اليوم حيث الحسين يمتد بروحه في كل بقاع الدنيا لينفخ الحياة ، ويركز علما في كل بقعه ، ليخط معنى الخلود و يرسم صورة البقاء ، و يطمس الظلم و الظلام ، هاهو الحسين يحقق نصرا بعد نصر و يصنع انجازا حضاريا تلو انجاز ، من هنا تبرز جمالية الصوره في كربلاء ، و تتكامل بهذا الحشد المليوني الذي يمثل طومارا يحمل بصمات الزائرين و هم يوقعون بدمائهم و فاءً للحسين و يستشعرون لذة الوصال مع حسينهم ، حيث يجتمعون عند قبره لتجديد البيعة و الولاء بقبضات محكمة و صرخات تصل عنان السماء ( لبيك يا حسين ) ، هذه الحشود هي التي استوقفت الامام الصادق حينما انفتل من صلاته و أخذ يناجي ربه بأن يعطف عليهم بلفتة كريمه و يدعو لهم ( فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس ، و ارحم تلك الخدود التي تتقلب على حفرة ابي عبد الله الحسين ، و ارحم تلك الاعين التي جرت دموعها رحمة لنا ، و ارحم تلك القلوب التي جزعت و احترقت لنا ، و ارحم تلك الصرخه التي كانت لنا ) ، و حتى تكتمل الصوره اكثر و تبرز معالم الجمال لها لابد من حضور مسيرة الاباء و قافلة التحدي و الصمود حيث الامام السجاد و الحوراء زينب في وضع ركائز السير الاربعيني نحو كعبة العشاق ، كانت الكوفه و الشام محطات للوصول الى كربلاء ، محطات تمثل الكبرياء و الشموخ ، محطات تبين صدق المشاعر و تبرز الحب و الوفاء لتوصلك الى نبع العشق في كربلاء ، كانت رحلة السير من كربلاء مرورا بالكوفة و الشام و عودا الى كربلاء مدرسة من خلالها نتعلم اللطائف و الاشارات و الدلالات التي يعنيها الاربعين ، حينها تكتمل جمالية الصوره بقطعها الثلاث متمازجة فيما بينها لتنتج خليطا يصعب على كل احد فهمه الا من ملك قلبا و عقلا يتربع على عرشه علي و فاطمه ( كربلاء التضحية و الوفاء + حشود الزوار العاشقه + زينب الصبر و التحدي ) أربعينية يتجدد فيها المصاب و يتجدد فيها العزم و الوفاء و الثبات ..