زين الدين رجوعًا للوطن (2) . دراسة بعد دراسة، ومرحلة بعد مرحلة، فمن المقدمات إل…

زين الدين رجوعًا للوطن (2)
.
دراسة بعد دراسة، ومرحلة بعد مرحلة، فمن المقدمات إلى السطوح، ومن التفسير والعرفان إلى دراسة الحديث، إلى الدراسات العليا (الخارج)، إلى المرجعية العظمى.
فيجتمع الناس حول تلك المرجعية،أهالي البحرين والقطيف والعراق والمحمرة والبصرة وغيرها من بلدان الخليج، كلهم يلتفون حول آية من آيات الدين، ليرسلوا رسائلهم الشرعية فيجيب على كل تساؤلاتهم، ويكون مرجعهم الأول في التقليد.
والشمس المضيئة دائما تشع وتبعث بأشعتها على هذه الأرض، وهكذا كان بطل قصتنا الشيخ “محمد أمين” ففكره النير وصل إلى أقاصي الكون، من الخليج إلى المحيط ، من الشرق إلى الغرب، فكتبه المؤلفة عديدة في الفقه و الحديث والفلسفة والأخلاق.
ومن كتبه التي وصلت إلى عنان السماء موسوعته الفقهية (( كلمة التقوى))، إلى الطليعة المؤمنة، أخلاقيات الإمام الصادق (ع)، وغيرها الكثير الكثير.
تميزّ أسلوب فقينا بسلاسة الأسلوب وجمال البيان وحسن التعبير، كما أن آية الله العظمى لم يترك ركن الأدب فقد كان فقيه الأدباء بل أديب الفقهاء، فنظمه للشعر لم يكن بالشيء اليسير، ولكن الكثير من محبيه يجهلون هذا الأدب الغزير، وقد طغت شهرته الفقهية على تلك الموسوعة العظيمة.
ومن شعره هذه القصيدة التي نظمها في مولد الرسول الأعظم (ص) سنة 1364هـ وهي طويلة تتجاوز السبعين بيتاً نقدم منها هذا النموذج:
مـاذا بمكـة فهـي تزهـو
منـظراً وتمـيس قِــــدّا

مـن زلـزل الأصـنام عن
أنصـابها قســـراً وأردى

نـبأ يـجلّ مـقامُـــه
مـن أن يعـرّف أو يحـدّا

نـبأ لـه قلـب الجـزيرة
كـاد أن ينـقدّ قَـــدّا

ولآية الله العظمى الكثير من المقالات بعضها نشر في مجلة العرفان، وبعضها لم ينشر بعد وقد عُرف في مقالاته تصديه لأفكار أعداء الدين والمذهب.
وفي إطار مرجعيته العظمى واستشعاره بآلام الأمة برزت نشاطاته خارج نطاق العراق، إذ جعل له زيارات منتظمة للمناطق المجاورة، ولأن الفرع دائما يحنّ للأصول فإن شيخنا كان يقضي في ربوع قرية آبائه (كرزكان) ما يقرب من الثلاثة أشهر، يقيم خلالها الجمعة في المسجد الكبير، وينتقل في أرجاءها واعظاً مربياً.
والأيام تمضي وتمضي ولحظات الفناء لابد أن تأتي، فعلامات الرحيل قد قربت وهاهو يوم التاسع والعشرين من شهر صفر الحرام 1419هـ الموافق الرابع والعشرين من شهر يونيو من عام 1998م، يعلن ساعة العروج إلى المولى القدير.

فالنفس عافت الدنيا واشتاقت إلى بارئها العلي الرحيم، بعد إن خلف وراؤه تراثاً عظيماً، لتنتهي حياة علمٌ برز وسيظل بارزاً على مر السنين واليوم نحي تراث هذا الحصن ليكون ” زين الدين” في قلوبنا بعد إن كان بين أجدادنا و ابائنا